شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
الفتاوى الشرعية في المسائل الطبية (الجزء الثاني)
240969 مشاهدة print word pdf
line-top
الاستشفاء بثياب الصالحين

س 58- ما معنى قول أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنها- هذه جبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يلبسها، فنحن نغسلها للمرضى يُستشفى بها: وهل يجوز الاستشفاء بثياب الصالحين ؟

جـ- لا يجوز التبرك بالصالحين مطلقا، أي بلباسهم ولا بعرقهم ولا بشعرهم، ونحو ذلك. فأما النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو مخصوص بأن الله -تعالى- قد جعل فيه البركة فيما مسه، فقد كان إذا غمس يده الشريفة في الماء نبع الماء من بين أصابعه كالعيون، ولما تفل في العجين والبرمة عند جابر -رضي الله عنه- بارك الله في اللحم والعجين، حتى أكل منه أهل الخندق كلهم فعلى هذا يجوز الاستشفاء والتبرك بما مسه، كما في هذه الجبة التي كانت عند أسماء -رضي الله عنها- حيث كانوا يغسلونها للمرضى.
وفي حديث صلح الحديبية أن الصحابة كانوا إذا انتخم نخامة تقع على يد أحدهم، فيمسح بها جلده وجسده، وإذا توضأ كادوا أن يقتتلوا على وضوئه يلتقفون ما يتقاطر من أعضائه، فمن ناضح ونائل. ولما حلق شعره في الحج أعطاه أبا طلحة وفرقه بين الناس، ثم إنهم لم يفعلوا ذلك مع أبي بكر ولا مع عمر ولا مع فاطمة بنت محمد ولا مع عائشة ولا مع على -رضي الله عنهم- ولا مع علماء الصالحين من الصحابة أو من بعدهم؛ وذلك لأن التبرك بهم فيه اعتقاد أن لهم خصوصية بركة أو قربة أو نحو ذلك.
وقد يؤدي إلى تعظيمهم وعبادتهم من دون الله، وهو من الشرك الذي لا يغفره الله تعالى، كما لا يجوز التبرك بالمنبر النبوي ولا بجدران الحجرة النبوية فكل ذلك محدث بعده -صلى الله عليه وسلم- كما لا يجوز التمسح بمقام إبراهيم وهو الزجاج المعمول حوله، ولا بجدار حجر إسماعيل ولا بكسوة البيت، وإنما يشرع تقبيل الحجر الأسود عند القدرة عليه مع اعتقاد أنه حجر لا يضر ولا ينفع، وإنما يستلم من باب الاتباع لفعل النبي -صلى الله عليه وسلم- والله أعلم.


line-bottom